في شهر مقدس، في يوم مقدس ،بعد صلاة اجتمع لها النّاس في هذا القيظ الوجودي، لحظة بارقة تنخرط في قداسة مكعبة ، اختارت هذه الأم المطلقة جارتنا موتها، السقوط من الطابق الرابع ،هناك تحلّق كلّ الخارجين من الجامع حول جثة في الأرض مصعوقة بسقطة ، وهنا صراخ أطفالها كالعواء في السماء، كم تأكسدت الكلمات في الأفواه، أمام فظاعة الميتة ؛ عينيها الشاخصتين، أضلعها المحطمّة، جثّتها المهشّمة ،مرور مرعب اختياري إلى الضفة الآخرة، الأسئلة كثيرة: لم، متى وكيف ولماذا... إنها شهيدة نفسها،قاتلة نفسها وقتيلتها ...
قال جار قريب لها،كل ليلة نسمع هواجس بكائها وعويلها، لقد كانت حسبه مجنونة ...
تبقى أنت ونفسك سواء بسواء أمام حشد من الاستيهامات، في فضاء السقطة المدوية للجسد، انتحرت بانهزامها، بأحزانها بهواجسها، الأكيد أن الهواجس مرعبة رعب وفظاعة اختيار طريقة الإنتحار اللامسالمة ،على رصيف حجري بارد من الحياة ومن شاهق اليأس ، هذه الأرواح المتعبة أمام القلق الكآبة والوحدة انسداد الأفق ،الظلم ، القهر
هناك التقيت بي وأنا أتصفح وجه التشظي ، لماذا انتحرت؟.كم يبدو هذا السؤال عديم الجدوى وغبيا، وتبدو الإجابة عليه عبثا ، إنها لن تعود، هل هي شجاعة أم انهزامية لهذه المنتحرة؟ أليس في هذا الإنتحار أنانية؟ سيقرأ الحاضرون انتحارها اجتماعيا، لكن ألا نقرأ انتحارها وجوديا؟
في ركن مني موحش كنعش قال كامي ''الإنتحار هو السؤال الفلسفي الجدّي الوحيد " تقلص العالم كله وأصبح يعادل تابوتا بالنسبة إليّ... بقي الفراغ يعبث بمخيلتي والسواد يخنقني، لم أكتب شيئا على بياض ،فقط أمضغ كلمات في فمي و أبصقها، يعتريني طيف الموتى في تدفئة الخوف واختفي عنّي فيَّ ، ومن سنام الهاوية، يحلق الإعتراف في الأعماق ، اعتراف موغل في الجرح والتعديل ، وامتلئ بي في حانة من جسد أحمر و أثمل ...
ثم ...
تأتي الشرطة لتوثق في
سجلاتها انتحار جارتنا
- مديحة دبابي : السقوط في مهزلة '' الحياة '' .
قصص جد واقعية .
قصص جد واقعية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق