يضيف “كافكا” أنّ غرفة بطله “غريغور” هي “غرفة بشرية”، وتقع تمامًا داخل الجدران الأربعة المألوفة. -نحن نستمدّ بشريتنا، أو ما نسميه كذلك، دومًا، من الطابع البشري للأمكنة التي نسكنها: نحن ضروب من المكان، إذن، والبشرية في جزء عميق منها، مجرد قدرة على ارتياد الأمكنة، أمكنة مخصوصة، أو ضرب من فنّ المكان. وحيثما ينام بشريّ، فهو في “غرفة”. إنّ العالم بهذا المعنى هو غرفة “بشرية”. وهو ليس غرفة عملاقة إلاّ بفضلنا، نحن بني ساكن ابن ساكن. لكنّ الغرف تقع دومًا “داخل” الجدران وليس خارجها. وما لا جدران له ليس غرفة بشرية. إنّ معنى السكن البشري هو الداخل. – هذا الداخل هو الذي تهدّم أو انمحى عندما أفاق “غريغور سامسا” ووجد نفسه وقد تحوّل إلى حشرة، وإن كانت ضخمة: فالحشرة هي الخارج بإطلاق. الحشرة هي الكائن الذي لا داخل له. والحيوان الذي لا ينام داخل أربعة جدران. ومن ثمّ فإنّ بطل كافكا قد أخذ يستفيق على حقيقة مرعبة: أنّ جسده البشري قد تحوّل إلى جسم حشريّ غريب عنه: إنّه الخارج الذي عليه منذ الآن أن يسكنه بواسطة داخل لا وجود له.

قراءة رائعة للاستاذ المسكيني في رواية كافكا

قراءة رائعة للاستاذ المسكيني في رواية كافكا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق